آخر الأخبار

تاريخ المنهج التجريبي

تاريخ المنهج التجريبي
ارتبط ظهور الانسان منذ ان خلقه الله على وجه الارض بمحاولته لمعرفة الطبيعة التى اوجدها الله له ، وبدأ الانسان منذ ذلك الحين بتجريب واختبار المواد لمعرفة الصالح والمناسب له ولو اخذنا مثالاً على ذلك ان الانسان الاول كان يستخدم حجر الصون لقدح الشرر وتوليد النار منه فلابد ان الوصول لهذه النتيجة سبقتها العديد من الاختبارات على عدد من العناصر لمعرفة هذه الخاصية الموجودة في حجر الصوان دون باقى العناصر.
فالشاهد في ذلك انه استخدم الملاحظة ثم قام بعملية التجريب بدا في مرحلة مبكرة من تاريخ الانسانية.

مراحل المنهج التجريبي:
1 - اليونانين والمنهج التجريبي

لاشك أن ظهور المنهج التجريبي وتثبيت اركانه كان عسيرا ، إذ استمر يحاول الظهور منذ عهد سقراط بل ومن قبله ، إذ ان فلسفة اليونان كثيرا ما كانت تشمل أجزاءً نعدها اليوم منتمية إلى مجال العلم التجريبي كالنظريات الخاصة بأصل الكون أو بطبيعة المادة ومن هذا القبيل كان مذاهب التجريبيين اليونانيين التي نجدها في الفترة السابقة لسقراط وكذلك في الفترة المتأخرة للفلسفة اليونانية.
ولقد كان أبرز هؤلاء الفلاسفة هو ديمقريطس (
Democritus) وهو معاصر لـ سقراط ، يعد أول من طرأت على ذهنه الفكرة القائلة، ان الطبيعة تتألف من ذرات، ومن هنا اصبح يحتل مكانةً في تاريخ العلم فضلًا عن تاريخ الفلسفة ويمكن ان يعد ديمقراطيس من بين الفلاسفة اليونانيين الذين كانوا يعتقدون أن المعرفة لا بد ان تكون يقينية او مجربه على نحو مطلق.
وقد أدرك كارنيدس (
Carneddes) في القرن التاسع قبل الميلاد أن الاستنباط لا يمكنه تقديم مثل هذه المعرفة، لأنه لا يقتصر على استخلاص نتائج من مقدمات معطاة ولا يستطيع اثبات صحة المقدمات كما أدرك انه لا ضرورة للمعرفة المطلقة، من أجل توجيه الإنسان في حياته اليومية.
والواقع أن كارنيدس بدفاعه عن الرأي الشائع وعن الاحتمال قد أرسى دعائم الموقف التجريبي في بيئة عقلية وكان اليقين الرياضي يعد فيها الصورة الوحيدة المقبولة للمعرفة. وقد استمر الاتجاه إلى التجربة عن طريق الشك في المعلومات العقلية المجردة في القرون التالية. وكلما قامت حضارة ارتفعت أسهم الحركة التجريبية ولكن ظل الاتجاه العام في الفكر هو الاتجاه العقلي.
أما التجربة فقد كانت من خصائص أصحاب الحرف والصناعات وفي بعض الأوقات الأطباء وقد كان سكستس ايرامبيريكوس (
Sextus Erampiricus) في حوالي العام 150 م رائداً لمدرسة الأطباء التجريبيين الذي ظهر منها ابو الطب ابقراط الذى اثر في مسيرة المنهج التجريبي ولقد تأثر به سقراط كثيرا ولاننسى تجربته الرائدة عندما قام بكسر بيض الدجاج في مراحل مختلفة لمعرفة مراحل تطور الجنين.

2 - المسلمين والمنهج التجريبي
عندما انبثقت الحضارة الإسلامية وجاءت معها بروح علمية جديدة واستخدم العلم كأداة لتطوير الحياة نشطت الحركة التجريبية وظهر في علماء المسلمين كثيرون ممن اعتمدوا التجربة منهجاً أساسياً في المعرفة وأبرزهم كان جابر بن حيان في القرن الثاني للهجرة. كذلك كان الحسن بن الهيثم اشتهر في الغرب بمؤلفاته في حقل البصريات إلا أن فترة اضمحلال الحضارة الاسلامية رافقه ضعف في حركة التجربة وانعطاف جدي إلى المناهج العقلية. وفي الغرب شهدت الفترة هذه جموداً حضارياً إنعكس بالطبع على المدرسة التجريبية حيث كانت الفلسفة في القرون الوسطى (إسم يطلق على هذه الفترة بالذات) من اختصاص رجال اللاهوت الذين حصروا أنفسهم على المنهج المدرسي وأضفوا عليه طابعاً دينياً وأبعدوا المنهج التجريبي بالطبع عن واقع الحياة.

3 - الغرب والمنهج التجريبي
في وسط الظلمات المحيطة بالعصور الوسطى ظهر بصيص نور في وسط ظلام الجهل الدامس متمثلاً في فلاسفة من أمثال: روجر بيكون
Bacon Roger (1213-1294م) الذى كان شديد الاهتمام بالمنهج التجريبيى وله تأملاته في خطواته ومبادئه المنطقية وكان روجر بيكون على معرفة كاملة بكثير من المجالات المتنوعة ابتداء من معرفته بالبارود وتركيبته الكيميائيه حتى تصوره وعلى نحو سابق لعصره بالغواصات والسفن التى تسير بالمحركات الآلية حيث كان من الذين نقلوا روح التجربة العلمية من بلاد المسلمين إلى الغرب. وبظهور العلم الحديث في حوالي عام 1600 بدأ المذهب التجريبي يتخذ شكل نظرية فلسفية إيجابية قائمة على أسس متينة يمكن أن تدخل في منافسة ناجحة مع المذهب العقلي. كما في مذاهب فرانسيس بيكون (1561 -1626) م وهو فيلسوف انجليزي أول من حاول إقامة منهج علمي جديد يرتكز إلى الفهم المادي للطبيعه وظواهرها, وهو مؤسس المادية الجديدة والعلم التجريبي وواضع أسس الاستقراء العلمي ، فالغرض من التعلم عنده هو زيادة سيطرة الإنسان على الطبيعة وهذا لا يمكن تحقيقه إلاَ عن طريق التعليم الذي يكشف العلل الخفية للأشياء.
دعا أيضا إلى النزعة الشكية فيما يتعلق بكل علم سابق بحيث يجب أن تكون هذه النزعة الخطوة الأولى نحو الإصلاح وتطهير العقل من المفاهيم المسبقة والأوهام التي تهدد العقل بشكل مستمر
و جون لوك (1632 -1704)م وآخرين من الذين أسهموا في بناء المنهج التجريبي الحديث. ان ذلك كان جانبا واحدا فقط من جوانب المنهج التجريبي. وهو الجانب النظري منه فقط، وهناك جانب آخر للمنهج التجريبي هو الجانب العملي منه وهو ذلك الجانب الذي يعتمد على صنع ظاهرة من ظواهر الحياة ثم ملاحظتها ودراسة أسبابها وميزاتها وطرق التحكم فيها. ويفترق هذا الجانب عن ذاك في أمرين:
أ_ إن صنع الظاهرة يخضع لشروط الباحث نفسه ويستطيع بذلك إبعاد كافة الملابسات التي قد تشوش الرؤية وتعوق دون فهم حقيقة الظاهرة والعوامل الأساسية المؤثرة في ظهورها بينما ملاحظة ظاهرة طبيعية لا تخضع لشروط الباحث وتتداخل فيها عوامل عديدة يصعب تمييز العامل الحاسم من بينها.
ب_ إن التجربة النظرية هي حصيلة العلوم النظرية التي لا تحتاج إلى جهد إضافي بينما التجربة العملية هي نوع من القيام بعمل تغيير في الحياة ويحتاج إلى جهد والى ايجاد شروط صعبة في الحياة ولذلك استطاع علماء اليونان اكتشاف أهمية المنهج التجريبي نظريا بينما لم يقدروا على إجراء أبسط التجارب العملية التي لو أنهم جربوها لكانوا اكتشفوا حقائق كثيرة ، فمثلاً : الفكرة القائلة أن الشمس والأرض والكواكب تتحرك حولنا لم تكن مجهولة لليونانيين ، فقد اقترح أرسطوفوس الساموسي (
Aristarchus of Samos) بصواب فكرة النظام المتمركز حول الشمس في حوالي عام 200 ق.م ولكنه لم يتمكن من اقناع معاصريه بصواب رأيه ولم يكن في استطاعة الفلكيين اليونانيين أن يأخذوا برأي أرسطوفوس لأن علم الميكانيكا كان في ذلك الحين في حالة تأخر مثال ذلك ان بطليموس اعترض على أرسطوفوس بالقول: أن الأرض ينبغي ان تكون ساكنة لأنها لو لم تكن كذلك لما سقط الحجر الذي يقع على الأرض في خط رأسي ولظلت الطيور في الهواء مختلفة عن الأرض المتحركة وهبطت إلى جزء مختلف من سطح الأرض ولم تجر تجرية إثبات خطأ حجة بطليموس إلا في القرن السابع عشر ، عندما أجرى الأب جاسندي (Gassendi
) وهو عالم وفيلسوف فرنسي كان معاصرا لـ ديكارت وخصما له، أجرى تجربة على سفينة متحركة فأسقط حجرا من قمة الصاري ورأى انه وصل إلى أسفل الصاري تماما. ولو كانت ميكانيكا بطليموس صحيحة لوجب ان يتخلف الحجر عن حركة السفينة وان يصل إلى سطح السفينة عندما يقع في إتجاه مؤخرتها.
وهكذا أيد جاسندي قانون جاليلو الذي اكتشف قبل ذلك بوقت قصير، والذي يقول: ان الحجر الهابط يحمل في ذاته حركة السفينة ويحتفظ بها وهو يسقط. فلماذا لم يقتنع بطليموس بتجربة جاسندي؟؟ ذلك لأن فكرة التجربة العلمية متميزة من ناحية القياس والملاحظة المجردة ، وهي لم تكن مألوفة لليونانيين .وهكذا عرفنا أن هذه التجربة البسيطة لو أجراها العلماء اليونانيون لكان علم الفلك الحديث قد تقدم أربعة آلاف سنة.
ان ذات التجربة التي قام بها جاليلو كان بالإمكان أن يقوم بها بطليموس لو أنه لم يكتف بمجرد ملاحظة الظواهر الكونية وصياغة النظريات العامة. إلا أن الذي حدث فعلاً كان مختلفاً عما يتمناه الإنسان اليوم وهو أن البشرية بلغت مرحلتها المتقدمة من العلم منذ القرن الخامس عشر حيث دخل في الأوساط العلمية وليد جديد ألا وهو العلم التجريبي العملي.
حيث كان جاليلو (1564-1641) م أول من وجه التلسكوب الذي اخترعه صانع عدسات هولندي إلى السماء، في إيطاليا.
واخترع إيطالي آخر كان صديقا لـ جاليلو ، هو العالم توريشيلي (Torricelli) حيث اخترع البارومتر، وأثبت أن للهواء ضغطاً يقل بإزدياد الارتفاع. وفي ألمانيا اخترع جوريكة (Guericke) مضخة الهواء، وأوضح أمام الجمهور الذي عقدت الدهشة لسانه، قوة الضغط الجوي، بأن جمع بين نصفي كرة فارغةً من الهواء لم تستطع مجموعة من الخيول أن تفصل أحدهما عن الآخر.
واكتشف هارفي (
Hervey) الدورة الدموية ، ووضع بويل القانون الذي يعرف بإسمه والخاص بالعلاقة بين ضغط الغاز وحجمه. وهكذا توالت الاكتشافات، لتفتح نافذة جديدة على عالم المجهول، هي نافذة التجربة العملية.
خطوات المنهج التجريبي:
 اولا_الملاحظة
اول مراحل المنهج التجريبي هى الملاحظة لواقعة معينة, هذه الواقعة متكررة بنفس الاسلواب وبنفس الشكل بحيث تمثل ظاهرة وهذه الظاهرة ام ان تكون ايجابية اوسلبية.
واذا كانت الظاهرة ايجابية:

- فنقوم بدراسة هذه الظاهرة وملاحظتها ونقوم باجراء التجارب حتى نعرف الاسباب التى تقف وراءها ومن ثم ندعم هذه الاسباب التى تقف وراءها حتى تستمر الظاهرة في الاتجاة الصحيح وتزدهر وتتطور وتنمو.
اما اذا كانت الظاهرة سلبية:

- فإننا ندرسها و نقيم التجارب عليها حتى يتسنى لنا معرفة اماكن القصور والضعف ومن ثم نعالج هذا القصور والضعف في هذه الظاهرة حتى نتمكن من تلفي الاضرار الناتجة عنها.
ويعرف د.محمود قاسم الملاحظة بأنها (( المشاهدة الدقيقة لظاهرة مع الاستعانة باساليب البحث والدراسة ، التى تتلاءم مع طبيعة هذه الظاهرة)) ، وهو يرى ان الملاحظة تهدف إلى الكشف عن بعض الحقائق التى يمكن استخدامها لإستنباط معرفة جديدة. وهكذا نجد ان الاستقراء العلمى يبدأ بملاحظة الظواهر على النحو الذى تبدو علية بصفة طبيعية.
اما التجربة : فهى ملاحظة الظاهرة بعد تعديلها كثيرا او قليلا عن طريق بعض الظروف المصطنعة فان الباحث في حالة الملاحظة يرقب الظاهرة التى يدرسها دون ان يحدث فيها تغييرا او ان يعدل الظروف التى تجرى فيها اما في حالة التجربة فانه يوجد ظروف مصطنعة وتهيئ له دراسة الظاهرة على النحو الذى يريده. وهناك صلة بين الملاحظة والتجربة فهما تعبران عن مرحلتين في البحث التجريبي ولكنهما متداخلتان من الواجهة العملية فالباحث يلاحظ تم يجرب ثم يلاحظ نتائج تجربته.

ويقسم الدكتور محمود قاسم التجارب إلى 3 انواع:
1- التجربة المرتجلة:
ويطلق هذا المصطلح على تدخل في ظروف الظواهر لا للتأكد من صدق فكرة علمية بل لمجرد رؤية ما يترتب على هذا التدخل من آثار ويلجأ الباحث إلى هذا النوع في المرحلة الاولى من مراحل المنهج التجريبيى والتجربة هنا ملاحظة يثيرها الباحث لكى يعثر على احد الفروض وهى نافعة للعلوم التى مازلت في مراحلها الاولى.

2-التجربة الحقيقية او العلمية:
ويطلق هذا الاسم على كل تدخل يلجأ اليه الباحث في المرحلة الاخيرة من المنهج الاستقرائي اي عندما يريد التحقق من صدق الفروض التى يضعها بناءً على ما توحي إليه الملاحظة او التجربة.

3-التجربة غير المباشرة:
وهى التجربة التى تمد بها الطبيعة دون تحكم من جانب الباحث وهى لاتقل اهمية عن التجارب التى يتحكم فيها الباحث نفسه
سمات الملاحظة
لابد ان تكون الملاحظة خالية من الهوى اي من الضروري إلتزام النزاهة والحيادية وعدم اقحام الميول الشخصية فيها فلابد ان نلاحظ ونجرب بغرض الدراسة في مكتبة معينة لغرض ما يقصده الباحث.
كما يجب ان تكون الملاحظة متكاملة اي لابد ان يقوم الباحث بملاحظة كل العوامل التى قد يكون لها اثر في احداث الظاهرة.
كذلك من الضرورى ان تكون الملاحظة او التجربة دقيقة اى لابد ان يحدد الباحث الظاهرة التى يدرسها ويطبقها و يعين زمانها ومكانها ويستعمل في قياسها ادوات دقيقة ومحكمة.
وكذلك لابد للباحث ان يستوثق من سلامة اي اداة او وسيلة قبل استخدامها.
ثانيا_الفــــروض
الفروض هى التوقعات والتخمينات للأسباب التي تكمن خلف الظاهرة و العوامل التى ادت إلى بروزها وظهورها بهذا الشكل ، ويعتبر الفرض نظرية لم تثبت صحتها بعد او هي نظرية رهن التحقيق او هو التفسير المؤقت الذى يضعه الباحث للتكهن بالقانون او القوانين التى تحكم سير الظاهرة.
ولذلك تكون المرحلة التالية بعد ملاحظة الظاهرة التى تنزع إلى التكرار هي تخمين الاسباب التى تؤدى إلى ظهور الظاهرة, وللفروض اهمية كبيرة للوصول إلى حقائق الامور ومعرفة الاسباب الحقيقة لها ويحب التاكيد على ان كل تجربة لاتساعد على وضع احد الفروض تعتبرا تجربة عقيمة ، اذ انه لايمكن ان يكون اي علم لو أن العالم اقتصر على ملاحظة الظواهر وجمع المعلومات عنها دون ان يحاول التوصل إلى اسبابها التى توضح الظاهرة.
وبالرغم من الاهمية القصوى للفروض فإن بعض العلماء يحاربون مبدأ فرض الفروض لانها تبعد الباحث عن الحقائق الخارجية فهي تعتمد على تخيل العلاقات بين الظواهر كما انها تدعو إلى تحيز الباحث ناحية الفروض التى يضعها مع اهمال بقية الفروض المحتملة, ولكن لاشك ان للفروض اهمية قصوى في البحث فهى توجه الباحث إلى نوع الحقائق التى يبحث عنها بدلاً من تشتت جهده دون غرض محدد, كما انها تساعد على الكشف عن العلاقات الثنائية بين الظواهر ويقول كلود برنار الذى يبين اهمية الفرض (( ان الحدس عبارة عن الشعور الغامض الذى يعقب ملاحظة الظواهر ويدعو إلى نشأة فكرة عامة يحاول الباحث بها تأويل الظواهر قبل ان يستخدم التجارب وهذه الفكرة العامة (الفرض) هي لب المنهج التجريبي لانها تثير التجارب والملاحظات وتحدد شروط القيام بها ))
سمات الفروض العلمية
1- ينبغي ان تكون الفروض مستوحاه من الوقائع نفسها اي يحب ان تعتمد الفروض العلمية على الملاحظة والتجربة
2- ينبغى ألا يتعارض الفرض مع الحقائق التى قررها العلم بطريقة لاتقبل الشك
3- يجب ان يكون الفرض العلمى قابل للتحقيق التجريبي
4- يجب ان يكون الفرض كافياً لتفسير الظاهرة من جميع جوانبها
5- يجب ان يكون الفرض واضحاً في صياغته وان يصاغ بإيجاز
6- عدم التشبث بالفروض التى لاتثبت صلاحيتها
7- عدم التسرع في وضع الفروض لان العامل المؤثر هنا هو قيمة الفرض
8- يحب اختيار الفروض التى يمكن تفسيرها واقربها إلى التحقيق تجريبيا واقلها كلفة
 ثالثا_التجريب او تحقيق الفروض
تعتبر هذه المرحلة من اهم مراحل البحث فالفرض ليس له قيمة علمية مالم تثبت صحتة موضوعا ويؤدي الفرض إلى اجراء التجارب والقيام بملاحظات جديدة للتأكد من صدقه و التأكد من صحته ولايصح الفرض علمياً إلا بشرط ان يختبر بالرجوع إلى التجربة لإثبات صحته ويجب ملاحظة ان الفرض الذي لم يثبت صحته هو نتيجة مهمة جدا.

كيفية تحقيق الفروض:
1- لابد ان تكون هناك قواعد عامة يسترشد بها الباحث للتأكيد على صحة الفروض التى يختبرها
2- ألا يختبر الباحث أكثر من فرض واحد ( يفسر الظاهرة) في الوقت نفسه و ألا ينتقل من فرض إلى اخر إلا اذا تأكد من خطأالفرض الاول
3- الا يقنع الباحث باختيار الادلة الموجبة التى تويد الفرض لان دليلاً واحداً يتنافى مع الفرض كفيل بنقضه ولو أيدته مئات الشواهد
4- الا يتحيز الباحث لفروضه بل يكون على استعداد تام لان يستبعد جميع الفروض التى لا تؤيدها نتائج التجارب و الملاحظات العلمية
كيف يمكن التحقق من صحة الفرض
اهتم العلماء بوضع مناهج دقيقة للتثبت والتأكيد على صحة الفرض وكان اهم هذه المناهج ماوضعه(جون ستيورات مل) للتأكد من صحة الفروض والذى اعتمد في وضعها على الفيلسوف بيكون .
ويقسم ستيورات طرق التحقق من صحة الفروض إلى ثلاث طرق وهى :

1_طريقة الاتفاق
تقوم هذه الطريقة على اساس انه اذا وجدت حالات كثيرة متصفة بظاهرة معينة وكان هناك عنصر واحد ثابت في جميع الحالات في الوقت الذى تتغير قيه بقية العناصر ، فإننا نستتنج ان هذا العنصر الثابت هو السبب في حدوث الظاهرة ومن الممكن ان نعبر عن هذه العلاقة بالصورة الرمزية التالية
الحالة الاولى أ ب ج ص
الحالة الثانية د ب ج ص
فنظراً لوجود العنصر (ج) في كل حالة تحدث فيها الظاهرة (ص) فاننا عندئذ نقول بأن العامل (ج) هو السبب في حدوث الظاهرة (ص)


سلبيات هذه الطريقة:
مما يؤخذ على هذه الطريقة في الاثبات انه ليس من الضرورى في كل حالة يوجد فيها العامل (ج) وتحدث الظاهرة (ص) ان يكون العامل (ج) سبباً حقيقاً فقد يكون وجوده من قبيل الصدفة دائما ومن المحتمل ان تكون النتيجة(ص)مسببة عن عامل اخر لم يتعرفه الباحث ومن المحتمل ان يكون العامل (ج) قد احدث النتيجة (ص) بالاشتراك مع عامل لم يتعرف عليه الباحث ، اذاً لانستطيع ان نعزل في الواقع سبباً واحداً ونقول انه السبب المحدد بالفعل ، وعلى هذا فإنه يبنغي ألا نثق كثيراً قى هذه الطريقه فلا نتخذ من مجرد الاتفاق دليلاً على وجود علامة سببية.

2_طريقة الاختلاف :
تقوم هذه الطريقة على انه اذا اتفقت مجموعتان من الاحداث من كل الوجوه إلا احدها فتغيرت النتيجة من مجرد اختلاف هذا الوجه الواحد ، فإن ثمة صلة علية بين هذا الوجه والظاهرة الناتجة فإذا كانت لدينا مجموعة مكونة من عناصر مثل (ك ل م ن) تنتج ظاهرة ما ، ومجموعة اخرى (ك ل م ه) ونتج عن ذلك اختلاف في النتيجة في حالة عن الاخرى فانه توجد بين (ن، ه) صلة العلية وهذه الطريقة شائعة الاستعمال في البحوث العلمية لانها أكثر دقة من سابقتها فإذا جمع الباحث مجموعتين من الاشخاص وعرض المجموعة الاولى لعدد من العوامل فظهرت نتيجة معينة ثم حرم المجموعة الثانية من تأثير احد العوامل فلم تظهر النتيجة في هذه الحالة, يمكن استنتاج ان العامل الذى اسقطه الباحث هو السبب في حدوث النتيجة الاولى وهذه الطريقة في الإثبات هي التى تقوم عليها فكرة المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة
سلبيات هذه الطريقة:
من سلبيات هذه الطريقة انه كثيراً ما يصعب على الباحث تحديد جميع المتغيرات المؤثرة في الموقف الكلي قبل البدء في الدراسة وكذلك من الصعب وخاصة في البحوث المكتبية ايجاد مجموعتين متكافئتين في جميع العوامل وتختلفان عن بعضهما في عامل واحد لكثرة المتغيرات التى تؤثر في الموقف المكتبي.
3_طريقة التلازم في التغير
تقوم هذه الطريقة على اساس انه اذا وجدت سلسلتان من الظواهر فيها مقدمات ونتائج وكان التغير في المقدمات في كلتا السلسلتين ينتج عنه تغير في النتائج في كلتا السلسلتين كذلك وبنسبة معينة فلابد ان تكون هناك علاقة سببية بين المقدمات والنتائج ويمكن ان نعبر عن هذه العلاقة بالصورة الرمزية التالية:
الحالة الاولى أ ب ج1 ص1
الحالة الثانية أ ب ج2 ص2
اذاً يمكن القول بأن (ج) ، (ص) مرتبطان بعلاقة سببيةولقياس علاقة الترابط يلجأ الباحث إلى حساب معامل الارتباط
ومن مميزات هذه الطريقة يمكن استخدامها في مجال اوسع من مجال طريقة الاختلاف كما انها الطريقة الكمية الوحيدة بين الطرق التي حددها ( ستيورات مل ) وهى تمكن الباحث ان يحدد بطريقة كمية النسبة الموجودة بين السبب والنتيجة.
سلبيات هذه الطريقة:
1- من الممكن ان تكون العلاقة بين المتغيرات غير سببية
2- يجب تثبيت جميع العوامل في جميع الحالات التى يجمعها الباحث ماعدا متغير واحد
التصميم التجريبى
يعتبر تطبيق المنهج التجريبى تطبيقاً كاملاً من الامور الصعبة جدا في العلوم الاجتماعية ومنها بالطبع علم المكتبات و المعلومات ، ولتسهيل هذه الامور وتذليل هذه الصعوبات حاول بعض الباحثين تصميم بعض التجارب والطرق التى تساعد على تحسين استخدام هذه المناهج ومن اهم هذه الطرق هى:-
1
-التجارب الصناعية والتجارب الطبيعية لابد لنا اولا من معرفة المقصود بالتجربة الصناعية والطبيعية التجربة الصناعية: هى التجارب التى تتم في ظروف صناعية يتم وضعها من جانب الباحث. التجربة الطبيعية: هى التجارب إلى تتم في ظروف طبيعية دون ان يحاول الباحث ان يتدخل فيها او ان يصنع لها ظروف خاصة.
2-تجارب تستخدم فيها مجموعة من الافراد ، والتجارب تستخدم فيها أكثر من مجموعة
فى النوع الاول من هذا التجارب يلجأ الباحث إلى مجموعة واحدة من الافراد يقيس اتجاهاتهم بالنسبة لموضوع معين ثم يدخل المتغير التجريبى الذى يرغب في معرفة اثره وبعد ذلك يقيس اتجاه افراد المجموعة للمرة الثانية ، فإذا وجد ان هناك فروقاً جوهرية في نتائج القياس في المرتين يفترض انها ترجع إلى المتغير التجريبى.
اما النوع الثانى فيلجأ الباحث إلى استخدام مجموعتين من الافراد يطلق على احدهما (المجموعة التجريبية ) ويطلق على الاخرى (المجموعة الضابطة) ويفترض فيهما التكافؤ من حيث المتغيرات المهمة في الدراسة ، ثم يدخل المتغير التجريبى الذى يرغب في معرفة اثره على المجموعة الضابطة وبعد انتهاء التجربة تقاس المجموعتان ويعتبر الفرق في النتائج بين المجموعتين راجعاً إلى المتغير التجريبى.
3-تجارب التوزيع العشوائى
تعتمد الطريقتان السابقتين على الافتراض بأننا نعرف كل المتغيرات المهمة في الدراسة وهذا افتراض يصعب التحقق منه ولذلك يلجأ الباحث إلى توزيع الافراد عشوائياً على كل من الجماعتين التجريبة والضابطة اى يتم توزيع الافراد بطريقة تتيح لكل منهم فرصا متكافئة للالتحاق باحدى الجماعتين ثم نقوم بإجراءالتجربة.
متطلبات التصميم الجيد للتجربة:
1- الاعتماد على أكثر من تجربة
2- استخدام ادوات جمع بيانات صحيحة وقوية التصميم
3- لابد من التحقق من كافة المتغيرات التى قد تؤثر على النتائج
4- اختيار الموضوعات التى تمثل المجتمع بطريقة جيدة
5- عدم تحيز القائم بالتجريب
مميزات المنهج التجريبي:1- يعتبر المنهج التجريبي بصفة عامة هو أكثر البحوث صلابة وصرامة
2- القدرة على دعم العلاقات السببية
3- التحكم في التأثيرات المتبادلة على المتغير التابع
عيوب المنهج التجريبي :التجارب اغلبها مصطنعة ولاتعكس مواقف الحياة الحقيقية
المــــــــــــــصادر :
(1)أحمد بدر. مناهج البحث في علم المعلومات والمكتبات . ــ الرياض: دار المريخ، 1998
(2)شعبان عبد العزيز خليفة. المحاورات في مناهج البحث في علم المكتبات والمعلومات . ــ القاهرة: الدار المصريةاللبنانية، 1998
(3) محمد فتحى عبدالهادى. البحث ومناهجه في علم المكتبات والمعلومات. ـ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2005

ليست هناك تعليقات

إذا لم تجد عما تبحث عنه اكتبه بعد التعليق وستجده مرة أخرى إن شاء الله و تأكد ان تعليقك يهمنا...