آخر الأخبار

ابن باديس : 1308-1359هـ 1889-1940م

ابن باديس : 1308-1359هـ 1889-1940م

هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس، ولد في مدينة
قسنطينة ( 1) ليلة الجمعة الرابع من ديسمبر عام 1889 م من أسرة عريقة في
المجد مشهورة بالجاه و الثراء العريض. تداول أفرادها العلم منذ آماد طويلة
يعود نسبها إلى قبيلة صنهاجة البربرية التي اشتهر منها حكام وقادة وعلماء 
آبار.
تعلم بقسنطينة ثم انتقل إلى تونس حيث أتم دراسته في جامع الزيتونة
إلى أن تحصل على شهادة التطويع عام 1912 ، ثم عاد إلى الجزائر فتصدر
للتدريس بالجامع الكبير بقسنطينة . قصد البقاع المقدسة للحج عام 1913 م
وعاد في السنة نفسها ليواصل عمله التعليمي. وفي عام 1925 أصدر جريدة
المنتقد" التي ما لبثت أن تعرضت للتعطيل من طرف سلطات الاحتلال
الفرنسي بعد صدور 18 عددا فقط لكنه عاد فأصدر بعدها "الشهاب" في
صيف 1925 ، والتي تحولت عام 1929 إلى مجلة، وظلت تصدر إلى أن
. أوقفها بنفسه غداة الحرب العالمية الثانية عام 1939
وفي عام 1931 تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي آان
له الفضل الكبير في إخراجها للوجود، وانتخب رئيسا لها، وأسهم في إصدار
جرائدها التي آان الاستعمار الفرنسي لها بالمرصاد، ومنها
"الشريعة"و "السنة المحمدية" و "الصراط"و أخيرا "البصائر".
آان عالما فاضلا، مفسرا، محدثا، مصلحا دينيا واجتماعيا،مربيا،خطيبا
مصقعا صحفيا بارعا أديبا بليغا، شاعرا موهوبا على الرغم من قلة شعره.
وهو يعدّ بمجموع مزاياه ومواهبه أحد آبار رجال
الإصلاح و التجديد الإسلامي في الجزائر، والزعيم الروحي لثورة التحرير
الجزائرية الكبرى،بما قام به من أعمال جليلة في تعليم الأجيال
الجزائرية ومحاربة البدع و الخرافات و الضلالات الدينية،
والهجوم على الطرقية والمشعوذين و الدجالين، وتأسيس المدارس
والنوادي الثقافية،وتطوير الصحافة العربية.


1) قسنطينة : كانت قديما تسمى سيرتا ، وهو إسم كنعاني فينقي يعني المدينة الكبيرة . نشأ بها ماسينيسا البطل )
البربري الذي حاول أن يؤسس دولة مستقلة في الجزائر ، وبعد اكتساح الرومان للبلاد اتخذوها مركزا حصينا من
مراكزهم . وبعد الفتح الاسلامي احتفظت بمكانتها السياسية والتجارية و الثقافية الكبيرة حيث تداولت عليها
مختلف الدول الاسلامية كالحماديين والحفصيين . وفي القرن 16 م استولى عليها الأتراك وجعلوها مركزا
للمنطقة الشرقية . احتلها الفرنسيون عام 1837 م بعد معارك عنيفة ، ومقاومة ضارية قادها أحمد باي . تتميز
قسنطينة بموقعها الطبيعي الحصين ، فهي مبنية على قطعة جبل منقطع يحيط بها الوادي من
جهاتها الثلاث . تعد من أكبر المدن الجزائرية وأهمها وهي عاصمة الشرق الجزائري .



رفيقه في الإصلاح و التجديد

الشيخ محمد البشيرالإبراهيمي (ت 1385 ه 1965 م ) بقوله : "باني النهضتين
العلمية و الفكرية بالجزائر وواضع أسسها على صخرة الحق، وقائد
زحوفها المغيرة إلى الغايات العليا، وإمام الحرآة السلفية، ومنشء مجلة
"الشهاب" مرآة الإصلاح وسيف المصلحين ومربي جيلين آاملين على
الهداية القرآنية و الهدي المحمدي وعلى التفكير الصحيحومحي دوارس العلم
بدروسه الحية ومفسر آلام الله على الطريقة السلفية في مجالس انتظمت ربع
قرن، وغارس بذور الوطنية الصحيحة وملقن مباديها، علم البيان، وفارس
المنابر، الأستاذ الرئيس الشيخ عبد الحميد بن باديس، أول رئيس لجمعية
العلماء المسلمين الجزائريين، وأول مؤسس لنوادي العلم و الأدب
وجمعيات التربية و التعليم".
من آثاره "مجالس التذآير من آلام الحكيم الخبير" الشهير بتفسير ابن
باديس في تفسير القرآن الكريم ، و"العقائد الإسلامية من الآيات
القرآنية و الأحاديث النبوية"، ومجموعة آبيرة من المقالات الصحفية جمعها
عمار الطالبي في أربعة أجزاء بعنوان "ابن باديس حياته وآثاره"، ثم أضافت
إليها وزارة الشؤون الدينية بالجزائر بعض الآثار التي لم تجمع ونشرتها في
ستة أجزاء بعنوان "آثار الإمام عبد الحميد بن باديس".
وقد فسر ابن باديس القرآن الكريم آله في دروسه المسجدية في ربع
قرن من 1913 إلى 1939 واتبع فيه منهجا يعد في شكله العام امتدادا للمنهج
الإصلاحي الذي ظهر على يد جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ورشيد
رضا و الذي يراعي مقتضيات العصر ومتطلباته، ويحاول أن يربط بين آليات
الإسلام وروح الحياة المتجددة لوضع أسس النهضة الجديدة التي آانت
تشهدها الجزائر خاصة و العالم الإسلامي عامة .
آما اعتمد آذلك في تفسيره على القرآن الكريم نفسه و السنة النبوية
وأصول البيان العربي وجمع إلى ذلك آله موهبة خاصة، وذوقا مرهفا في
فهم مقاصد الكتاب الكريم و التعامل معه
وهذا ما أشار إليه الإبراهيمي في تصديره لتفسيره في قوله :"آان للأخ
الصديق عبد الحميد بن باديس رحمه الله ذوق خاص في فهم القرآن آأنه
حاسة زائدة خص بها يرفده- بعد الذآاء المشرق و القريحة الوقادة و
البصيرة النافذة- بيان ناصع، واطلاع واسع وذرع فسيح في العلوم
النفسية و الكونية ، وباع مديد في علم الاجتماع، ورأي سديد
في عوارضه وأمراضه . يمد ذلك آله شجاعة في الرأي ،
وشجاعة في القول، لم يرزقهما إلاّ الأفذاذ المعدودون في البشر، وله في
القرآن رأي بنى عليه آل أعماله في العلم، والإصلاح و التربية و
التعليم ، وهو أنه لا فلاح للمسلمين إلا بالرجوع إلى هدايته والاستقامة
على طريقته وهو رأي الهداة المصلحين من قبله ".
ولم يهتم ابن باديس بتدوين تفسيره لاشتغاله بتكوين الرجال و تربية
الأجيال قبل تأليف الكتب: "وآان يرى- حين تصدى لتفسير القرآن - أن تدوين
التفسير بالكتابة مشغلة عن العمل المقدم، لذلك آثر البدء بتفسيره
درسا تسمعه الجماهير فتتعجل من الاهتداء به ما يتعجله المريض
المنهك من الدواء وما يتعجله المسافر العجلان من الزاد" .
توفي في قسنطينة يوم 16 أفريل 1940 بعد أن فرضت عليه السلطات
الاستعمارية الإقامة الجبرية بسبب رفضه تأييد وجهة النظر
. ( الفرنسية في الحرب العالمية الثانية ( 2


2) عبد الحميد بن باديس حياته وآثاره ، آثار الإمام عبد الحميد بن باديس،وزارة الشؤون الدينية الجزائر )
تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، ابن باديس مفسرا ، منهجية التفسير عند ابن
باديس ، رسالة ماجستير مخطوطة بمعهد أصول الدين بالجزائر ، الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح و
التريية في الجزائر ، عبد الحميد بن باديس وبناء قاعدة الثورة الجزائرية ، عبد الحميد بن باديس رائد الحركة
الإسلامية في الجزائر المعاصرة ، فلسفة الإمام ابن باديس في الاصلاح و التجديد ، جمعية العلماء المسلمين
الجزائريين ، د.أحمد الخطيب ، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بوصفصاف ابن باديس وعروبة الجزائر ،
. معجم أعلام الجزائر ، ص 28 ، معجم المفسرين ، ج 1 ، ص 259

ليست هناك تعليقات

إذا لم تجد عما تبحث عنه اكتبه بعد التعليق وستجده مرة أخرى إن شاء الله و تأكد ان تعليقك يهمنا...