آخر الأخبار

هل العادة سلوك سلبي ؟

هل العادة سلوك سلبي ؟

مقدمة : (طرح المشكلة) :
إن الحديث عن العادة في مظهرها الشكلي يقتضي لاشك الحديث عن مدى فعاليتها في السلوك الإنساني، فمن خصائص العادة ماهو ذو فعالية إيجابية وماهو ذو فعالية سلبية، فإذا كانت توفر لنا الجهد فهي في الوقت نفسه تحد من حريتنا، وعلى أساس هذا التناقض اختلف الفلاسفة في أرائهم حول الأثار التي تخلفها العادة فمنهم من رأى بأن لها أثار إيجابية وبالتالي فهي سلوك ناجح، وهناك من رأى بأن لها أثار سلبية وبالتالي فهي سلوك فاشل.
والإشكال المطروح: هل للسلوك التعودي أثار إيجابية أم سلبية؟
التحليل:( محاولة حل المشكلة): 

أولا : عرض الأطروحة ( للعادة أثار سلبية ) :

أ‌- الموقف : يرى بعض الفلاسفة ان للعادة أثار سلبية حيث تنبهوا مرارا الى إستبداد العادة وطغيانها وأثرها الخطير على السلوك الإنساني.
ب‌- الحجة :-انها تسبب الركود وتقضي على المبادرات الفردية وتستبد بالإرادة فيصير الإنسان عبدا لها فسائق السيارة الذي تعود السير في اليمين يجد صعوبة في السياقة على اليسار. يقول ديكارت(كلما زادت عادتنا كلما قلت حريتنا).
-
العادة تضعف الحساسية وتقوي الفعالية العفوية على حساب الفعالية الفكرية ، فالطالب في كلية الطب تعود على أن لاينفعل أثناء قيامه بالتشريحات يقول روسو(إنها تقسي القلوب). وهو مانبه إليه الشاعر الفرنسي سولي برودوم في قوله(إن جميع الذين تستولي عليهم العادة يصبحون بوجوههم بشر وبحركاتهم آلآت).
-
العادة تقضي على كل تفكير نقدي بناء، لأنها تقيم في وجه الإنسان عقبات إبستيمولوجية خطيرة، فالحقيقة التي أعلن عنها غاليلي حول دوران الشمس ظلت مرفوظة.لأن الناس إعتادو على فكرة أخرى(ثبات الأرض).
-
إنها تمنع كل تحرر من الأفكار البالية القديمة كما تمنع الملاءمة مع الظروف الجديدة يقول روسو (خير عادة أن لانعتاد أي عادة).
ج – نقد الأطروحة :نحن لاننكر أن للعادة اثار سلبية على السلوك ولكن يجب أن نعترف بوجود جانب إيجابي لها ايضا يساعد على التكيف والتاقلم.
ثانيا :عرض نقيض الأطروحــة للعادة اثار إيجابية)
أ‌- الموقف : يرى بعض العلماء أن العادة تترك اثار إيجابية حيث يقولون بأنها أداة للتكيف وشرط وجود المجتمع.
ب‌- الحجة:إن عادتنا تساعدنا على إكتساب عادات وسلوكات أخرى لذلك يقال (إن إكتساب فضيلة يساعد على إكتساب أخرى).
-
العادة اداة تحرر فتعلم عادة معينة يعني قدرتنا على القيام بطريقة آلية لاشعورية وهذا مايحرر شعورنا وفكرنا للقيام بنشاطات أخرى فحين نكتب لاننتبه الى الكيفية التي نحرك بها أيدينا يقول رافسون( العادة لاتستبد بالإنسان وشعوره).
-
العادة أداة نجاح في الحياة فهي تعلم النظام والعمل المنهجي والتفكير العقلاني والمنطقي فالإنسان لايجد صعوبة في حياته المهنية فالعود يؤدي الى غتقان العمل مع سرعة الأداء والإقتصاد في الجهد.يقول آلان(العادة تمنح الجسم الرشاقة والسيولة).
نقد نقيض الأطروحة :لقد وفع أنصار هذا الغتجاه في نفس الخطا الذي وقع فيه انصار الغتجاه الأول ، فهم بدورهم ركزو ايضا جُل إهتمامهم على الجانب الإيجابي وأهملو الدور السلبي.

ثالثا : التركيب ( تهذيب التعارض)
إن العادة تكون إيجابية أو سلبية وفقا لعلاقتها بالأنا، فإذا كانت الأنا مسيطرة وسيدة الموقف فإن العادة في هذه الحالة بمثابة آلة نمتلكها ونستعملها حينما نكون بحاجة إليها، لكن العادة قد تستبد بالأنا لتكون عندئذا عائقا حقيقيا ومن ثمة يكون تأثيرها سلبي بالضرورة.
خاتمة( حل المشكلة)  
مايمكن إستخلاصه هو أن هناك عادات نأخذها وعادات نأخذ بها، فالعادات الأولى تُعرف بالروتينية والتي تنجم عن آلية محضة، وهي التي تجعلنا عبيدا، والعادات الثانية تنطوي على تربية الجسم عن طريق الفكر الذي يسهر على تملك النفس وإثبات الحرية، فمهما كانت سلبيات العادة وإيجابيتها فإن الإنسان يحتاج هذا السلوك في كل وقت وفي هذا يقول مودسلي( لولا العادة لقضينا اليوم كله في أعمال تافهة).

ليست هناك تعليقات

إذا لم تجد عما تبحث عنه اكتبه بعد التعليق وستجده مرة أخرى إن شاء الله و تأكد ان تعليقك يهمنا...