النموذج والبراديغم
النموذج والبراديغم :
يفيد البراديغم بحسب توماس كوهن معنى تمثل العالم وطريقة في النظر إلى الأشياء أو نموذجا إرشاديا متناسقا في رؤية العالم يستند على جملة قيم ومبادئ ومعايير وقواعد تتبناها مجموعة علمية معينة وتتواضع بشأنها أو تتفق عليها لقراءة الواقع أو للحكم على الأحداث في فترة زمنية معينة وهو ما يجعل البراديغم قريبا في دلالته من منظومة الأفكار أو البنية المفهومية التي تعتمدها جماعة علمية في البحث والنظر والحكم، وعلى هذا الأساس يختلف النموذج عن البراديغم اختلافا يمكن توضيحه على أساس أن النموذج أو النمذجة إنما يتحرك داخل براديغم معين إذ ترتبط النمذجة ببراديغم الكون المبني في مقابل براديغم الكون المنحوت أو براديغم الإنشاء في مقابل براديغم الاكتشاف، وهو ما يعني أنّ
النمذجة لا تعكس امتدادا للعقلانية الكلاسيكية وإنما تعبر عن ثورة علمية التي يفترض قيامها انقلابا على باراديغم سائد والانتقال إلى براديغم جديد.
النموذج والمثل الأفلاطونية :
لا ينبغي أن يفهم النموذج في معنى المثال الأفلاطوني حيث يمثل النموذج الصورة المثالية التي تتحدد على ضوئها الموجودات وتنتظم، بل على العكس إذ أن النموذج العلمي التقني يقلب صورة النموذج الأفلاطوني بما أنه تمثل عرفاني أو عقلاني لأجسام واقعية متعينة.
النموذج والمثل الأعلى العلمي :
كما لا ينبغي أن يفهم النموذج على معنى المثل الأعلى العلمي الذي تتخذه بقية العلوم نموذجا تحاكيه وتنحو نحوه على غرار النظر إلى الفيزياء النيوتنية بما هي نموذج لبقية العلوم في المقاربة الوضعية أو النظر إلى الرياضيات بما هي نموذج ينبغي محاكاته واعتباره نموذج لكل خطاب يطلب استيفاء شروط العلومية، إذ لا وجود لنموذج النماذج ولا معنى لنموذج مكتمل حيث تكون خصائص النموذج مطابقة أو ملائمة لخصائص النسق.
النموذج والصور الحسية :
قد يفهم النموذج على معنى الصورة الحسية أو الرسم الذي يخاطب العيون "فالصورة الحسية للقوانين المجردة للعقل العلمي لا يمكن الإمساك بها دون اللجوء إلى النموذج" على حد عبارة بيار دوهايم كما يمكن أن يحيل على معنى الأصل في علاقة بنموذج الفنان أو النسخة المثالية القائمة على محاكاة الطبيعة أو التصميم الهندسي أو التقني أو الفني أو المعماري أو تمثال الإنسان أو الحيوان بما هو نموذج يرسمه طلاب الفنون للتدرب أو هو المخطط بالنسبة للمهندس القائم على المماثلة الإيقونية أو المشابهة الرمزية أو النموذج المصغر أو الصورة المصغرة، هذه المعاني لا تعبر عن حقيقة النموذج في العلم وإن كانت تكشف عن تجربتنا المعرفية الثرية ومتعددة الوجوه في النظر إلى النماذج، أوالتقاليد القائمة في استخدام النماذج، ذلك أن النموذج وفق هذه المعاني قد يفيد التمييز بين النظرية المجردة والنموذج الواقعي أو الميكانيكي ( وهو ما نفهمه من خلال قول دوهايم خاصة) أو يحيل على معنى محاكاة معطى متعين (كما هو الحال حين ننظر إلى الفن بما هو محاكاة للطبيعة) أو يحيل على معنى المجاز ( la métaphore ) الذي يعد تعبيرا عن محتوى واقعي، فالنموذج علميا لا نستوفيه حقه ما لم نأخذ في الحسبان إمكان أن يكون النموذج مجردا يفيد بنية مفهومية أو بنية من القيم والعلاقات والخصائص مثل برنامج الحاسوب من ناحية، وما لم ننظر إليه في بعده المركب: إذ ليس النموذج انعكاسا لواقع، ليس له واقع بل هو ليس سوى وظيفته: نموذج ل، إنه يحيل دوما على شيء مغاير له أو هو بمثابة المرجع لشيء ووظيفته إنما هي وظيفة تفويضية[Délégation ] "إنه وسيط نفوض له وظيفة المعرفة"[سوزان بشلار].
ينبغي أن يفهم إذن من كلمة نموذج وحدة معرفية أو إدراكية مستقلة تعبّر عن نفسها في شكل علاقات صورية بين مقادير.وانطلاقا من مجموع الفرضيات يسمح النموذج من استخلاص أو اشتقاق جملة من النتائج أو الاستتباعات في صورة نسقية (البعد التركيبي). أما من الناحية التجريبية فيكون للنموذج منزلة ابستيمولوجية هجينة، إذ لا يمكن النظر إليه بما هو نتاج نظري خالص، ولا أيضا بوصفه حصيلة ملاحظات. إنّه ينشئ أيضا حقلا من المفاهيم(موضوعا مفهوميا) مرنا قابلا لمسار متدرج للتعديل (البعد الدلالي ). ومن الزاوية الإجرائية فإنّ للنموذج منزلة عملية أو تطبيقية أصيلة بما أنّه يضم عناصر وصفية وأخرى معيارية، تسمح له أن يكون فاعلا وناجعا وقادرا على تحقيق الغايات التي حكمت إنتاجه ( البعد التداولي ).
إذا اعتبرنا أن النمذجة هي بمثابة مسار إجرائي للمعرفة، وأن النموذج هو وسيط نفوض له وظيفة المعرفة، فإننا نكون إزاء دلالة جديدة للنموذج بما هو تمثيل للمعرفة، وهو ما يقتضي منا أن نبلور معنى النمذجة بما هي مسار يسمح بإنتاج النماذج بضبط خطواتها، فكيف ننمذج؟ .
يمكن تعريف النمذجة العلمية بما هي قدرة على إنتاج نماذج قوامها وعي الفكر العلمي بطبيعة نشاطه العرفاني بما هو صانع نماذج مرتبطة بسياق اجتماعي محدّد.كما تفيد جملة المراحل التي يمر بها الباحث لبناء نموذج ما انطلاقا من المنظومة الملاحظة والتي يمكن اختزالها في :
ـ رسم الحدود الدقيقة للنسق المزمع نمذجته.
ـ التعرف بدقة على عناصر النسق وتصنيفها بحسب خصائصها.
ـ اختيار لغة ما لتمثل هذه العناصر وكيفية تفاعلها(لغة أدبية، إيكونوغرافية أو منطقية/ رياضية).
ـ اختبار النموذج بتشغيله افتراضيا لتعديله عند الاقتضاء.
ـ ضبط الأهداف التي يرجى تحقيقها من إنشاء النموذج في علاقة بسياق ما.
ـ يمكن للباحث في الأخير إمّا تعميم هذا النموذج على أكثر من منظومة أو أن يبني منظومة أكثر تجريدا بواسطة الاستقراء وهو ما يعني أنّ النمذجة مشروع مفتوح.
يفيد البراديغم بحسب توماس كوهن معنى تمثل العالم وطريقة في النظر إلى الأشياء أو نموذجا إرشاديا متناسقا في رؤية العالم يستند على جملة قيم ومبادئ ومعايير وقواعد تتبناها مجموعة علمية معينة وتتواضع بشأنها أو تتفق عليها لقراءة الواقع أو للحكم على الأحداث في فترة زمنية معينة وهو ما يجعل البراديغم قريبا في دلالته من منظومة الأفكار أو البنية المفهومية التي تعتمدها جماعة علمية في البحث والنظر والحكم، وعلى هذا الأساس يختلف النموذج عن البراديغم اختلافا يمكن توضيحه على أساس أن النموذج أو النمذجة إنما يتحرك داخل براديغم معين إذ ترتبط النمذجة ببراديغم الكون المبني في مقابل براديغم الكون المنحوت أو براديغم الإنشاء في مقابل براديغم الاكتشاف، وهو ما يعني أنّ
النمذجة لا تعكس امتدادا للعقلانية الكلاسيكية وإنما تعبر عن ثورة علمية التي يفترض قيامها انقلابا على باراديغم سائد والانتقال إلى براديغم جديد.
النموذج والمثل الأفلاطونية :
لا ينبغي أن يفهم النموذج في معنى المثال الأفلاطوني حيث يمثل النموذج الصورة المثالية التي تتحدد على ضوئها الموجودات وتنتظم، بل على العكس إذ أن النموذج العلمي التقني يقلب صورة النموذج الأفلاطوني بما أنه تمثل عرفاني أو عقلاني لأجسام واقعية متعينة.
النموذج والمثل الأعلى العلمي :
كما لا ينبغي أن يفهم النموذج على معنى المثل الأعلى العلمي الذي تتخذه بقية العلوم نموذجا تحاكيه وتنحو نحوه على غرار النظر إلى الفيزياء النيوتنية بما هي نموذج لبقية العلوم في المقاربة الوضعية أو النظر إلى الرياضيات بما هي نموذج ينبغي محاكاته واعتباره نموذج لكل خطاب يطلب استيفاء شروط العلومية، إذ لا وجود لنموذج النماذج ولا معنى لنموذج مكتمل حيث تكون خصائص النموذج مطابقة أو ملائمة لخصائص النسق.
النموذج والصور الحسية :
قد يفهم النموذج على معنى الصورة الحسية أو الرسم الذي يخاطب العيون "فالصورة الحسية للقوانين المجردة للعقل العلمي لا يمكن الإمساك بها دون اللجوء إلى النموذج" على حد عبارة بيار دوهايم كما يمكن أن يحيل على معنى الأصل في علاقة بنموذج الفنان أو النسخة المثالية القائمة على محاكاة الطبيعة أو التصميم الهندسي أو التقني أو الفني أو المعماري أو تمثال الإنسان أو الحيوان بما هو نموذج يرسمه طلاب الفنون للتدرب أو هو المخطط بالنسبة للمهندس القائم على المماثلة الإيقونية أو المشابهة الرمزية أو النموذج المصغر أو الصورة المصغرة، هذه المعاني لا تعبر عن حقيقة النموذج في العلم وإن كانت تكشف عن تجربتنا المعرفية الثرية ومتعددة الوجوه في النظر إلى النماذج، أوالتقاليد القائمة في استخدام النماذج، ذلك أن النموذج وفق هذه المعاني قد يفيد التمييز بين النظرية المجردة والنموذج الواقعي أو الميكانيكي ( وهو ما نفهمه من خلال قول دوهايم خاصة) أو يحيل على معنى محاكاة معطى متعين (كما هو الحال حين ننظر إلى الفن بما هو محاكاة للطبيعة) أو يحيل على معنى المجاز ( la métaphore ) الذي يعد تعبيرا عن محتوى واقعي، فالنموذج علميا لا نستوفيه حقه ما لم نأخذ في الحسبان إمكان أن يكون النموذج مجردا يفيد بنية مفهومية أو بنية من القيم والعلاقات والخصائص مثل برنامج الحاسوب من ناحية، وما لم ننظر إليه في بعده المركب: إذ ليس النموذج انعكاسا لواقع، ليس له واقع بل هو ليس سوى وظيفته: نموذج ل، إنه يحيل دوما على شيء مغاير له أو هو بمثابة المرجع لشيء ووظيفته إنما هي وظيفة تفويضية[Délégation ] "إنه وسيط نفوض له وظيفة المعرفة"[سوزان بشلار].
ينبغي أن يفهم إذن من كلمة نموذج وحدة معرفية أو إدراكية مستقلة تعبّر عن نفسها في شكل علاقات صورية بين مقادير.وانطلاقا من مجموع الفرضيات يسمح النموذج من استخلاص أو اشتقاق جملة من النتائج أو الاستتباعات في صورة نسقية (البعد التركيبي). أما من الناحية التجريبية فيكون للنموذج منزلة ابستيمولوجية هجينة، إذ لا يمكن النظر إليه بما هو نتاج نظري خالص، ولا أيضا بوصفه حصيلة ملاحظات. إنّه ينشئ أيضا حقلا من المفاهيم(موضوعا مفهوميا) مرنا قابلا لمسار متدرج للتعديل (البعد الدلالي ). ومن الزاوية الإجرائية فإنّ للنموذج منزلة عملية أو تطبيقية أصيلة بما أنّه يضم عناصر وصفية وأخرى معيارية، تسمح له أن يكون فاعلا وناجعا وقادرا على تحقيق الغايات التي حكمت إنتاجه ( البعد التداولي ).
إذا اعتبرنا أن النمذجة هي بمثابة مسار إجرائي للمعرفة، وأن النموذج هو وسيط نفوض له وظيفة المعرفة، فإننا نكون إزاء دلالة جديدة للنموذج بما هو تمثيل للمعرفة، وهو ما يقتضي منا أن نبلور معنى النمذجة بما هي مسار يسمح بإنتاج النماذج بضبط خطواتها، فكيف ننمذج؟ .
يمكن تعريف النمذجة العلمية بما هي قدرة على إنتاج نماذج قوامها وعي الفكر العلمي بطبيعة نشاطه العرفاني بما هو صانع نماذج مرتبطة بسياق اجتماعي محدّد.كما تفيد جملة المراحل التي يمر بها الباحث لبناء نموذج ما انطلاقا من المنظومة الملاحظة والتي يمكن اختزالها في :
ـ رسم الحدود الدقيقة للنسق المزمع نمذجته.
ـ التعرف بدقة على عناصر النسق وتصنيفها بحسب خصائصها.
ـ اختيار لغة ما لتمثل هذه العناصر وكيفية تفاعلها(لغة أدبية، إيكونوغرافية أو منطقية/ رياضية).
ـ اختبار النموذج بتشغيله افتراضيا لتعديله عند الاقتضاء.
ـ ضبط الأهداف التي يرجى تحقيقها من إنشاء النموذج في علاقة بسياق ما.
ـ يمكن للباحث في الأخير إمّا تعميم هذا النموذج على أكثر من منظومة أو أن يبني منظومة أكثر تجريدا بواسطة الاستقراء وهو ما يعني أنّ النمذجة مشروع مفتوح.
ليست هناك تعليقات
إذا لم تجد عما تبحث عنه اكتبه بعد التعليق وستجده مرة أخرى إن شاء الله و تأكد ان تعليقك يهمنا...