فن النحت
فن النحت أقدم من التاريخ المسجل. وقد عثر علماء الآثار على عينات من العظام والقرون المنحوتة صنعها الإنسان خلال العصر الحجري. وينحت الناس اليوم العديد من الأشياء من الخشب. وتعد الأقنعة المنحوتة أبرز الأمثلة على الفن الإفريقي. ويستخدم سكان الجزر في المحيط الهادئ الجنوبي أدوات بسيطة لصنع أجسام وأشياء طقسية، علاوة على الأدوات والأواني التي تستخدم يوميًا. وينحت الحرفيون زخارف بالغة التعقيد على المنازل وقشر جوز الهند وقيدومة (مقدمة) مراكب الكنو.
تاريخ فن النحت
ونحت المصريون القدامى أشكالاً جميلة من الخشب والعاج والمرمر والحجر والفيروز ومواد أخرى. والعديد من هذه المنحوتات لافت للنظر؛ لأنها نحتت من أحجار شديدة الصلابة مثل صخر الديوريت البركاني والرخام السماقاني. وصنع الحرفيون المصريون مجوهرات ذات نقش غائر أي ذات نقوش محفورة على أسطحها. واستخدم الناس تلك المجوهرات في إنتاج نسخ منها على الشمع الأحمر.
واستخدمت حضارات بلاد ما بين النهرين النقش الغائر أيضًا. ونحت السومريون والبابليون القدامى أختامًا أسطوانية من الأحجار الملونة. وعندما تتم دحرجة هذه الأسطوانات على طين ناعم، فإنها كانت تترك بصمات عليه. وفي النصف الغربي من الكرة الأرضية، عرف القدماء النحت أيضًا، فقد نحت هنود الأزتك، والمايا، والزابوتيك تماثيل عديدة على أهرامات حجرية. وبجانب ذلك، صنع أفراد هذه القبائل منحوتات من حجر اليشم والسبج (الزجاج البركاني).
ونحت العديد من أمريكيْي ألاسكا وكندا الأصليين الخشب. واشتهر هنود الهيدا في الساحل الشمالي الغربي بصنع الأعمدة الطوطمية بجانب اشتهارهم بقواربهم من نوع الكنو ذات القيدومات العالية.
ونحت اليونانيون والرومان الأحجار الكريمة بجانب نحتهم للعاج، وأنتجوا العديد من التماثيل. واشتهر الحرفيون اليابانيون بصناعة التماثيل العاجية والمراوح اليدوية.
واستخدم المصريون قديمًا الخشب المنقوش في أسقف المنازل كحواجز ساترة. وشاع نحت الخشب في أرجاء العالم العربي ومنه انتقل إلى أسبانيا. ومن بين الأمثلة البارزة على المآثر العربية في مجال النحت في أسبانيا سقف خشب المدجن في قصر رئيس الأساقفة في ألكالا، والعجائب المنحوتة على جبل قصر الحمراء في غرناطة. انظر: قصر الحمراء. ويحتوي الأخير على أقواس وأسقف وأبواب رائعة. وهناك تحفة أخرى تتمثل في السقف المنحوت في قصر كابيللا بلاتينا في باليرمو بصقلية.
في الشرق الأوسط، كان النحت في العهد المبكر لحضارة بلاد الرافدين يتألف من أشكال مصغرة القياس للملوك والكهنة. وقد تميز نحاتو بلاد الرافدين بعرض مناظر عنيفة، ولم يحاولوا تسجيل رسوم توحي بالحركة أو تصوير أشخاص حقيقيين، غير أننا نشاهد رسومًا أكثر حيوية تظهر بارزة على قطع حجرية صغيرة تزين الأدوات والعلب.
وخلال عهد الإمبراطورية الآشورية (بين القرنين العاشر والسابع قبل الميلاد)، استخدم النحاتون النحت حلية معمارية ونحتوا أشكالاً من الحجر للثيران والرؤوس البشرية، ونصبوها أمام بوابات القصور. وزينت جدران القصور بأشكال بارزة لأشياء كثيرة للدلالة على قصص الحملات العسكرية التي قاموا بها والحوادث الأخرى المهمة. وقد وجدت منحوتات دقيقة في نينوى (قويونجق حاليًا) تروي قصة صيد الملك للأسود وتعبّر الأشكال المنحوتة عن حركة الحيوانات بدقة وواقعية أكثر من الأشكال التي كان النحاتون القدماء يبرزونها.
العصور الوسطى وعصر النهضة
أحد رجال الغال يحتضر هي نسخة رومانية من الرخام لعمل أصلي هلينستي من القرن 3 ق.م.، وتوجد في متاحف الكاپيتولين، روما.
استخدم النحاتون في هذه الفترة نفس الأساليب والأدوات التي استخدمها النحاتون القدماء. كذلك استعان نحاتو القرون الوسطى بأدوات مهيأة بشكل خاص لحفر الخشب، كانت تساعد في إنجاز أعمال بالغة التعقيد. واشتغل هؤلاء الفنانون في ورش منظمة تدعى مراكز النقابات.
وخلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، كان باستطاعة نحاتي عصر النهضة أمثال أنطونيو بالالالو عمل أشكال برونزية صغيرة المقاس لهرقل وإنتايوز. استطاع هؤلاء ان يكتشفوا تقنيات خاصة بالقوالب البرونزية الكبيرة وعمل نصب عملاقة للفرسان. وقد صنعوا آلات تقوم بتكبير النماذج، فأدى ذلك إلى تطور آلات الحفر التي تقوم باستنساخ وتكبير المنحوتات الحجرية بعملية ميكانيكية كاملة.
لاشى كثير من الفروق الأسلوبية بين النحاتين في القرن العشرين، وازداد اهتمام النحاتين بالتجريد، فأصبح جل اهتمامهم منصبًا على مشكلات التكوين وأهملوا المحتوى أو الرسالة في العمل النحتي. ولم يَعُد اهتمامهم مركَّزًا حول الإنسان، كما كان في كل القرون السابقة.
ومما أدَّى إلى ظهور نحت مُثير وأصيل في القرن العشرين ظهور خامات جديدة، وتغير مفهوم النحت لدى الفنانين. فالنظرة الجديدة إلى الواقعية أدت إلى استخدام ضوء حقيقي، وحركة حقيقية في العمل الفني، فاستخدم النحاتون أنوار النيون، وبعض الآلات. وعلى الرغم من أن النحت الواقعي الذي يهتم بشكل الإنسان،كاد يندثر، إلا أن بعض النحاتين، استوحوا من حركة جسم الإنسان أعمالاً فنية. ومن أشهر هؤلاء النحات السويسري ألبرتو جياكومتي والإنجليزي هنري مور. أما النحات الأمريكي دوين هانسون فقد عاد إلى الواقعية بطريقة مبالغ فيها تمشيًا مع المدرسة الجديدة في النحت والتصوير التشكيلي المسماة بالواقعية المُغالية، التي تحاول كسر الحواجز السابقة التي كانت تفصل الفن عن الحياة اليومية.
استخدامات النحت
1- كغرض تذكاري وتخليدي.
2- كغرض تاريخي.
3- كغرض ديني.
4- وفي بعض الأحيان يستخدم كسجل لتدوين الموضوعات اليومية لبعض العادات المتبعة.
إلا أن هذا الغرض الأخير استخداماته ضئيلة بالنسبة للموضوعات الأخرى المستخدمة إلي جانب الموضوعات الأدبية.
الحجم وفن النحت
تتدرج أبعاد التمثال المختلفة إلي بعدين:
1- بعد يزيد عن الحجم الطبيعي ليصل إلي الحجم الضخم وكثيراً ما يتواجد في أعمال النحت القديمة خصوصاًً تلك التي ارتبطت بفن العمارة مثل تمثال أبو الهول في الحضارة الفرعونية المصرية القديمة.
2- بعد يقل عن الحجم الطبيعي ليصل إلي حجم أصغر من الحجم الطبيعي مثل العملات. ونجد أن الحجم في فن النحت يتأثر بالغرض الوظيفي ما لم يكن العامل الوحيد مثال: وظيفة تمثال خفرع الاجتماعية والمعمارية هي تخليد عظمة فرعون. وتخضع الأحجام أيضاً في فن النحت حسب الخامات المتوافرة في مرسم النحات ، وحسب إمكانياته المادية المحدودة.
أنواع أعمال النحت
أشهر أنواع النحت وأكثرها انتشارًا هو ما يسمى بالنحت المستقل أو المجسَّم، وهو المنحوت من جميع الجوانب وله أحجام مستقلة عن الخلفية ثلاثية الأبْعاد. والنوع الثاني هو النحت البارز، وهو الذي لا يكون مستقلا عن الخلفية. وقد كثر استخدام هذا النحت البارز في تزيين المباني القديمة في مصر واليونان وإيطاليا وغيرها. وكانت طريقة الصب تُستخدم أحيانا في تنفيذ بعض أعمال النحت البارز.
وتنقسم أعمال النحت إلي قسمين:
- النحت البارز.
الضوء والظل
في حالة النحت، لا يكون الضوء أو الظل بنفس الأهمية كما في حالة التصوير التشكيلي. ورغم ذلك، فلا بد من أن يفكر فيه النحات قبل تنفيذ عمله. كما ينبغي أن يفكّر في الملامس التي تتأثر بالضوء. فالملمس الصقيل قد يعكس الضوء، أما الملمس الخشن الذي تترك عليه آثار يد الفنان أو آثار الأدوات التي عمل بها، فإنه يوجد شعورًا بالحيوية ويضفي الجمال على العمل النحتي.
اللون
يكمل بعض النحاتين أعمالهم بتلوينها. ويعتمدون على الإيحاءات الرئيسية للألوان. فاللون الأزرق يُوحي بالثـقل والأحمر بالتوسط في الوزن، والأصفر بالخفة. غير أن أغلب الفنانين لا يهتمون بتلوين أعمالهم، ولا يرون ضرورة لذلك.
تطورت أساليب عديدة في النحت، وتناول النحاتون موضوعات مختلفة خلال العصور المتلاحقة وظهرت أساليب خاصة بالمصريين القدامى، وبالإغريق، وبالأترسكانيين والرومان والفينيقيين والصينيين والهنود والسريلانكيين واليابانيين.
ولعل أبرز الأعمال النحتية في تاريخ هذا الفن، هي أعمال عصر النهضة في إيطاليا. وأشهر النحاتين في ذلك العصر هم: دوناتللو ومايكل أنْجلو بيونروتي، الذي عاش في أول القرن السادس عشر الميلادي. وأشهر نحَّاتي أوروبا خلال القرن السابع عشر هو جان لورنزو برنيني الإيطالي، الذي أبدع في مجالي النحت والعمارة.
انتشر فن النحت من إيطاليا إلى شمالي أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي استدعت بعض الفنانين الأوروبيين لعمل بعض الأعمال الفنية. ومن أشهر النحاتين الذين تم استدعاؤهم إلى هناك جين أنطوان هودن، الذي طلب منه المسؤولون في أمريكا عام 1785م أن يعمل تمثالاً لجورج واشنطن. ويُعَدُّ جين أنطوان هودن أفضل النحاتين الفرنسيين. وقد صحبه إلى الولايات المتحدة عدد من النحاتين، قاموا بتزيين مبنى الكابتول مقر الحكومة الأمريكية في واشنطن. وأشهر النحاتين الأمريكيين هو أوغسطس سان غودنز، الذي اشتهر بعمل تمثال أبراهام لنْكولْن.
أشهر النحاتين
التراكوتا
تعتبر من أقدم الخامات المستخدمة في النحت في عصور ما قبل التاريخ ، كما استخدمها قدماء المصريين و الإغريق والصينين وشعوب الهند علي مستوي فني عالٍ. ويتم فيها تجهيز الطينة الأساسية داخل إطار معدني ثم تحرق بطريقة لا تكلف كثيراً ، وتتميز بسهولة الاستخدام وقوة تحملها حيث لا تتعرض للتلف أو التآكل أو التشقق إلا أنه يمكن كسرها لأي تصادم يقع عليها. ويمكن استعمال الطينات ذات الألوان المختلفة أو بإضافة طبقات من الطلاء الزجاجي حيث تثبت علي سطح التمثال أثناء عملية الحرق الثانية في الفرن المعد لذلك أو في الفرن العادي.
البرونز والمعادن الأخرى
وتم استخدام هذه المادة بعد استخدام الطين لفترة طويلة من الزمن لكن تاريخه يرجع الوراء حتى العصر البرونزي نفسه من 3000-1000 ق . م. وفيه يستطيع المثال عمل نموذجه الأصلي من الطين ثم صبه بمعدن البرونز دون أية صعوبة كما يمكن إعادة الصب مرات متعددة. والميزة الكبرى في ذلك المعدن هو قدرته علي التماسك وعلي الثني وعدم التشقق أو الكسر ويظهر تطبيق هذه الخامة بوضوح في عمل التماثيل التي بها انحناءات أو حركة.
السيدة والهريرات في كنيسة دلاپره
النحاس الأصفر
من الخامات التي تم استخدامها قديماً حيث كان يطرق إلي ألواح معدنية أما اليوم فهو يستخدم في أعمال السباكة. ويتميز بدقة لمعان سطحه إلا أنه ينطفئ إذا لم يحفظ بطريقة جيدة.
النحاس الأحمر
هذا المعدن له مزايا عديدة أتاحت له الاستخدام علي عصور التاريخ منها قابليته للطرق لأنه أكثر ليونة من النحاس الأصفر، ويقاوم التآكل عند تعرضه للجو، لا يتطاير عند صهره مثل البرونز، وبإضافة معدن الصفيح له يصبح أساساُ لجميع أنواع البرونز والنحاس الأصفر وغيرها من المعادن ، وبتحويله إلي ألواح مثل الذهب والرصاص والقصدير والصفيح يمكن تشكيلها إلي أشكال مجسمة ذات أبعاد ثلاثة أو أشكال بارزة.
جامبولونيا، "اغتصاب النسوة السابينية"، 1583، فلورنسا، إيطاليا، بارتفاع 411.5 سم، رخام
يمكن استخدامه كخامة من خامات النحت لكن بعد طرقه والذي يعرف باسم الحديد المطروق أو المطاوع ، ويتم تشكيله بواسطة جهاز اللحام للحصول علي أشكال لها طابع خيالي.
قطعة من قبر سيپريان كامل نورڤيد في لحد الأبطال، في كاتدرائية ڤاڤل، كراكوڤ، من عمل المثـّال تشسواف زڤيگاي.
الصلب والألومنيوم
ومن الخامات التي تلت ظهور الخامات القديمة في عصور ما قبل التاريخ والحضارات بأنواعها ، حيث يزداد اكتشاف الخامات يوماً بعد آخر.
هنري مور اشتهر بتمثال المتأرجح، والعديد من أعماله الأخرى
ملسلة دبلن - بارتفاع 120 متر وتضاء من أعلى. وهي أطول نحت في العالم. انظر أيضاً، Folly
الحجارة
إن كانت الحجارة أكثر صعوبة في الاستعمال عن الطين الذي يمكن تشكيله وصبه بسهولة، إلا أنها أكثر بقاءاًَ من التيراكوتا كما أنها أكثر لمعاناً من البرونز. وعلي الرغم من عدم توافر السرعة في إنجاز الأعمال بالحجارة إلا أنها تتميز بالقوة والصلابة وتتجاوب مع التيار المعماري وخير مثال علي ذلك تلك التماثيل والمعابد المنحوته من الحجر البازلت أو الجرانيت في الحضارة الفرعونية القديمة التي ظلت باقية حتى الآن منذ آلاف السنين.
الخشب
للخشب عيوب ومزايا، إلا أن عيوبه تطغي علي مزاياه فهو مادة تتآكل نسبياً، وعرضة للتشقق نتيجة لتغيير درجة الحرارة، ويتقوس من الرطوبة، ويتفتت نتيجة لهجمات حشرة السوس. كما أن هناك بعض أنواع من الأخشاب تفرض طريقة لنشرها وتحد من حرية الفنان لطبيعة أليافها.
ومن الناحية الأخرى نجده أخف وزناً من الحجر، وخامة تتجاوب مع أعمال الدهان ، رخيص التكاليف ، كما يمكن تطويعه بسهولة في الأشكال الصعبة التي توجد بها انحناءات أو حركة عميقة.
وفي خلاة القول فن النحت هو فن تجسيدي يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد لإنسان ، حيوان. وذلك باستخدام الجص أو الشمع، أو نقش الصخور. فن النحت أحد جوانب الابداع الفني و هو يعتمد علي المجسمات الثلاثية الأبعاد.
ويختلف فن النحت في أسلوبه عن باقي الفنون فهو لا يتعامل مع الأشكال المسطحة مثل فن التصوير وإنما يتضمن أشكال مجسمة ذات أبعاداً ثلاثة نجد أن المتعة الفنية التي تتصل بأعمال النحت لا تأتي من خلال المشاهدة فقط وإنما عن طريق الملمس والحركة المجسمة أيضاً ويشكل النحات الأعمال بيديه التي هي أقدر الوسائل لنقل الحس الفني العالي باللمس، إلي جانب استخدامه لبعض الخامات التي تنقل لدينا الإحساس بواقعية الشكل المنحوت ومن هذه الخامات: الرخام المصقول والخشب والصلب.
مقدمة
المبحث الأول : النحت تاريخه في العصور الوسطى والحديثة
المطلب الأول : تاريخ فن النحت
المطلب الثاني : العصور الوسطى وعصر النهضة
المطلب الثالث : العصر الحديث
المبحث الثاني: الاستخدامات , الحجم وأنواع النحت
المطلب الأول : استخدامات النحت
المطلب الثاني : الحجم وفن النحت
المطلب الثالث : أنواع أعمال النحت
المبحث الثالث: الضوء والظل . أشهر النحاتين وأنواع النحت
المطلب الأول : الضوء والظل
المطلب الثاني : أشهر النحاتين
المطلب الثالث : أنواع النحت
الخاتمة
ليست هناك تعليقات
إذا لم تجد عما تبحث عنه اكتبه بعد التعليق وستجده مرة أخرى إن شاء الله و تأكد ان تعليقك يهمنا...